البخور وزيادة خطر الربو للأطفال

البخور وزيادة احتمالات إصابة الأطفال بالربو: دراسة في التأثيرات الصحية

يُعدُّ البخور من العناصر التقليدية المستخدمة في العديد من الثقافات حول العالم، سواء في المناسبات الدينية، أو كوسيلة لتعطير الأجواء أو حتى كجزء من الطقوس اليومية. ورغم استمتاع الكثيرين برائحته العطرة التي تملأ الأجواء، فإنَّ الدراسات العلمية الحديثة قد كشفت عن مخاطر صحية تتعلق باستخدامه، خاصة للأطفال، إذ أظهرت الأبحاث أن استنشاق الدخان الناتج عن البخور قد يزيد من احتمالات إصابة الأطفال بمرض الربو وأمراض تنفسية أخرى.

ما هو البخور؟

البخور هو مادة تُحرق لإنتاج الدخان الذي يحمل رائحة عطرة. يتم تحضير البخور من مكونات نباتية ومعدنية، مثل خشب الصندل، واللبان، والزعفران، إضافة إلى مكونات صناعية أخرى. يتم حرق هذه المواد في مناطق مغلقة أو مفتوحة بهدف إضفاء جو من الهدوء والراحة. على الرغم من فوائده العاطفية والثقافية، لا يمكن إغفال المخاطر الصحية المرتبطة باستخدامه، خصوصًا في الأماكن غير المهواة.

الربو عند الأطفال:

الربو هو مرض تنفسي مزمن يتمثل في التهاب الشعب الهوائية مما يؤدي إلى ضيق الممرات الهوائية وصعوبة التنفس. ويصنف الربو كأحد الأمراض الأكثر شيوعًا بين الأطفال. من أهم أعراضه السعال، ضيق التنفس، صفير الصدر، والإحساس بالاختناق. يمكن أن يكون للربو تأثيرات كبيرة على الحياة اليومية للطفل، بما في ذلك التأثير على القدرة على المشاركة في الأنشطة الرياضية واللعب بشكل طبيعي.

العلاقة بين البخور والربو:

1. الدخان والمكونات السامة:
   يتسبب حرق البخور في إطلاق جزيئات دقيقة ومركبات كيميائية سامة مثل أكاسيد النيتروجين، وأول أكسيد الكربون، والمركبات العضوية المتطايرة. عند استنشاق هذه المواد، يمكن أن تؤثر سلبًا على الجهاز التنفسي للأطفال الذين يكونون أكثر عرضة للالتهابات والأمراض التنفسية. الدراسات تشير إلى أن هذه الجزيئات الصغيرة يمكن أن تدخل إلى الرئتين وتسبب تهيجًا طويل الأمد يؤدي إلى تفاقم الربو.

2. التأثيرات على الأطفال الذين يعانون من حساسية:
   إنَّ الأطفال الذين يعانون من حساسية مفرطة لأشياء مثل الغبار أو حبوب اللقاح، يصبحون أكثر عرضة للتأثيرات السلبية للبخور. يتم تحفيز الجهاز المناعي لديهم بسرعة أكبر عند التعرض للدخان، مما يزيد من تفاعل الجسم السلبي مع المواد الكيميائية المفرزة من البخور. قد يؤدي ذلك إلى زيادة احتمالية حدوث نوبات ربو حادة.

3. الآثار الناتجة عن التعرض الطويل الأمد:
   الدراسات التي تم إجراؤها على مدى عدة سنوات تشير إلى أن الأطفال الذين يعيشون في بيئات تحتوي على مستويات عالية من الدخان الناتج عن حرق البخور يواجهون مخاطر صحية أكبر من غيرهم. تأثير الدخان يتراكم بمرور الوقت، ويمكن أن يؤدي إلى تدهور وظيفة الرئة، مما يضاعف من مخاطر الإصابة بالربو، أو حتى قد يفاقم حالة الأطفال الذين يعانون من الربو بالفعل.

دراسات علمية حول تأثير البخور على الصحة:

في السنوات الأخيرة، أظهرت العديد من الدراسات العلمية والبحثية تأثيرات سلبية للبخور على صحة الجهاز التنفسي للأطفال. وفقًا لإحدى الدراسات التي أجرتها جمعية التنفس الأمريكية، تم ربط التعرض لدخان البخور بزيادة حالات الربو بين الأطفال في المجتمعات التي تستخدم البخور بشكل دوري. أظهرت نتائج هذه الدراسة أن الأطفال الذين يعيشون في بيئات تحتوي على دخان البخور كانوا أكثر عرضة للإصابة بحساسية الصدر والربو مقارنة بأقرانهم الذين نشأوا في بيئات أقل تعرضًا للملوثات.

وفي دراسة أخرى نُشرت في مجلة “الطب البيئي”، تبين أن استنشاق الهواء الملوث بدخان البخور يمكن أن يؤدي إلى زيادة في الالتهابات التنفسية، حيث تشير الأبحاث إلى أن المواد السامة التي يتم استنشاقها تسبب تفاعلات التهابية داخل الرئتين، ما يؤدي إلى تدهور تدريجي في وظائف الجهاز التنفسي.

الآثار السلبية الأخرى للبخور على الصحة:

بعيدًا عن تأثيره المباشر على الربو، يمكن أن يؤدي تعرض الأطفال لدخان البخور إلى مشاكل صحية أخرى مثل:

1. التسبب في الحساسية:
   المواد الكيميائية الناتجة عن احتراق البخور يمكن أن تسبب تفاعلات تحسسية في الأطفال، مثل التهابات الأنف، وسيلان الأنف، واحمرار العينين، والحكة.

2. تهيج العينين والجهاز التنفسي:
   قد يؤدي استنشاق دخان البخور إلى تهيج العينين والأنف، مما يسبب الحكة والاحمرار. الأطفال الذين يعانون من مشاكل في التنفس قد يلاحظون أن هذه الأعراض تتفاقم بعد التعرض للدخان.

3. زيادة تعرض الأطفال لأمراض القلب والأوعية الدموية:
   تظهر بعض الأبحاث أن الملوثات الناتجة عن حرق البخور يمكن أن تؤثر على صحة القلب والأوعية الدموية، خاصة في الأطفال الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.

الوقاية وتقليل المخاطر:

على الرغم من تأثيرات البخور السلبية على صحة الأطفال، فإن هناك بعض التدابير التي يمكن اتخاذها لتقليل المخاطر المرتبطة باستخدامه:

1. استخدام البخور في الأماكن المفتوحة:
   من الأفضل حرق البخور في الأماكن ذات التهوية الجيدة والواسعة. يجب تجنب استخدامه في الأماكن المغلقة، خصوصًا إذا كان هناك أطفال أو أشخاص يعانون من أمراض تنفسية.

2. تقليل استخدام البخور في المنزل:
   يمكن تقليل استخدام البخور في المنزل خاصة إذا كانت هناك احتمالات لتعرض الأطفال بشكل مستمر له. من الأفضل التوجه إلى وسائل أخرى لتعطير المنزل مثل الزيوت العطرية الطبيعية.

3. الاختيار بعناية لمكونات البخور:
   يمكن تقليل المخاطر الصحية عن طريق اختيار أنواع البخور الطبيعية التي تحتوي على مواد أقل سمية. ينصح بتجنب الأنواع التي تحتوي على مواد صناعية أو مواد قد تؤدي إلى تلوث الهواء بشكل كبير.

4. الاحتياطات الصحية للأطفال:
   من المهم التأكد من أن الأطفال في البيئات التي يُستخدم فيها البخور يكونون في أماكن جيدة التهوية. يجب أن يبتعد الأطفال عن الأماكن التي يُحرق فيها البخور، خصوصًا إذا كانوا يعانون من مشاكل صحية سابقة في الجهاز التنفسي.

الخاتمة:

رغم فوائد البخور في الثقافات المختلفة، إلا أن هناك حاجة لزيادة الوعي حول الآثار الصحية الضارة التي قد يسببها، خاصة للأطفال. تعرض الأطفال لدخان البخور بشكل مستمر يمكن أن يزيد من احتمالات الإصابة بالربو وأمراض التنفس الأخرى. لذلك، يجب على الأهل والمجتمعات التفكير في طرق بديلة للتعطير والاحتفال، والتأكد من توفير بيئة صحية وآمنة للأطفال.